عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهسيرة عبدا لله بن عمرسيرة الإمام الزاهد مُعتزِل الفتن هو إمام من أئمة المسلمين. آتاه الله العلم ، فأخذ منه بِـحـظٍّ وافـر. ولذا لما أطلّت الفتنة بقرونها ولاّها ظهره واعتزلها ، رغبة فيما عند الله ، وطمعاً في سلعة الله الغالية. هو مِن صغار الصحابة رضي الله عنهم ، ومع ذلك صار عالماً من علماء الصحابة يُشار إليه بالبنان. إن تكلّم سُمِع كلامه ، وإن أفتى أُخِذ بقوله ، وإن قال صدق. فلله درّ قائله .
اسمه وكنيتهاسمـه : عبدالله بن عمر بن الخطاب وكنيته : أبو عبد الرحمن
أولاده وزوجته
فضائله وخصوصيتهقال عنه الإمام الذهبي رحمه الله:
عبادته و كان رضي الله عنه عابداً كثير العبادة،قال ابن عمر رضي الله عنهما : كان الرجل في حياة النبي صلى الله عليه وسلم إذا رأى رؤيا قصها على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فتمنيت أن أرى رؤيا فأقصها على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكنت غلاماً شاباً ، وكنت أنام في المسجد على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فرأيت في النوم كأن ملكين أخذاني فذهبا بي إلى النار ، فإذا هي مطوية كطيّ البئر ، وإذا لها قرنان ، وإذا فيها أناس قد عرفتهم ، فجعلت أقول : أعوذ بالله من النار . قال : فلقينا مَلَك آخر فقال لي : لم ترع ، فقصصتها على حفصة ، فقصّتها حفصة على رسول الله صلى الله عليه وسلم . فقال : نِعْمَ الرجل عبد الله لو كان يصلي من الليل . فكان بعد لا ينام من الليل إلا قليلا . (رواه البخاري ومسلم)
مواقفه في السنةوكان ابن عمر رضي الله عنهما مِن أكثر الناس اتّباعاً للسنة رضي الله عنه. عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت : "ما رأيت أحدًا ألزم للأمر الأول من عبد الله بن عمر". وعن أنس بن سيرين قال: "كنت مع ابن عمر بعرفات، فلما كان حين راح رحت معه حتى أتى الإمام، فصلى معه الأولى والعصر، ثم وقف معه وأنا وأصحابٌ لي، حتى أفاض الإمام، فأفضنا معه، حتى انتهى إلى المضيق دون المأزمين، فأناخ وأنخنا ونحن نحسب أنه يريد أن يصلي. فقال غلامه الذي معه يمسك راحلته، أنه ليس يريد الصلاة، ولكنّه ذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم لما انتهى إلى هذا المكان قضى حاجته، فهو يحب أن يقضي حاجته". وعن مجاهد قال: "كنا مع ابن عمر رضي الله عنه في سفر، فمرّ بمكان فحاد عنه، فسئل: لم فعلت ذلك؟ قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل هذا ففعلت". وعن عبيد بن جريج أنه قال لعبد الله بن عمر: يا أبا عبد الرحمن رأيتك تصنع أربعًا لم أر من أصحابك من يصنعها، قال: ما هن يا ابن جريج؟ قال: رأيتك لا تمس من الأركان إلا اليمانيين، ورأيتك تلبس النعال السبتية، ورأيتك تصبغ بالصفرة، ورأيتك إذا كنت بمكة أهل الناس إذا رأوا الهلال ولم تهل أنت حتى يكون يوم التروية، فقال عبد الله: أما الأركان فإني لم أر رسول الله صلى الله عليه وسلم يمس إلا اليمانيين، وأم النعال السبتية فإني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يلبس النعال التي ليس فيها شعر ويتوضأ فيها، فأنا أحب أن ألبسها، وأما الصفرة فإني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصبغ بها فأنا أحب أن أصبغ بها، وأما الإهلال فإني لم أر رسول الله صلى الله عليه وسلم يهل حتى تنبعث به ناقته. أي: حين تنبعث به ناقته إلى منى يوم التروية لا أنها حين تنبعث به من البيداء لأول إحرامه. وعن أمية بن عبد الله بن خالد بن أسيد: أنه قال لعبد الله بن عمر: إنا نجد صلاة الحضر وصلاة الخوف في القرآن، ولا نجد صلاة السفر في القرآن؟ فقال له ابن عمر: ابن أخي ""إن الله عزّ وجلّ بعث إلينا محمدًا صلى الله عليه وسلم ولا نعلم شيئًا، فإنما نفعل كما رأينا محمدًا صلى الله عليه وسلم يفعل"". وعن نافع مولى ابن عمر: أن ابن عمر سمع صوت زمارة راع، فوضع إصبعيه في أذنيه وعدل راحلته عن الطريق، وهو يقول: يا نافع أتسمع؟ فأقول: نعم. فيمضي: حتى قلت: لا، فوضع يديه، وأعاد راحلته إلى الطريق، وقال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وسمع صوت زمارة راعٍ فصنع مثل هذا"". وعن زيد بن أسلم قال : رأيت ابن عمر يصلي محلول أزراره فسألته عن ذلك فقال: "رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعله"
زهدهو كان رضي الله عنه زاهداً مُعرضاً عن الدنيا والافتتان بها. قال ابن مسعود رضي الله عنه : إن من أملك شباب قريش لنفسه عن الدنيا عبد الله بن عمر رضي الله عنهما. )سير أعلام النبلاء 3/ 211 ( وقال جابر رضي الله عنه : ما منا أحد أدرك الدنيا إلا وقد مالت به إلا ابن عمر. وقالت عائشة رضي الله عنها : ما رأيت أحداً ألزم للأمر الأول من ابن عمر. وقال ميمون بن مهران : دخلت على ابن عمر فقوّمت كل شيء في بيته من أثاث ما يسوى مئة درهم!
كان شديد الاستجابة للرسول صلى الله عليه وسلم ولذا لما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لو تركنا هذا الباب للنساء . قال نافع : فلم يدخل منه ابن عمر حتى مات . (رواه أبو داود)
رقّـته رضي الله عنهما قال نافع : كان ابن عمر إذا قرأ : ( أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ ) بكى حتى يغلبه البكاء. وروى عاصم بن محمد العمري عن أبيه قال : ما سمعت ابن عمر ذكر النبي صلى الله عليه وسلم إلا بكى. وقال يوسف بن ماهك : رأيت ابن عمر عند عبيد بن عمير ، وعبيد يقصّ ، فرأيت ابن عمر ودموعه تهراق. و عن عبد الله بن عبيد بن عمير عن أبيه أنه تلا : ( فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أمَّةٍ بِشَهِيدٍ ) فجعل ابن عمر يبكي حتى لثقت لحيته وجيبه من دموعه ، فأراد رجل أن يقول لأبي : أقصر فقد آذيت الشيخ.
شِدّته في الحق حدّث إسحاق بن سعيد بن عمرو الأموي عن أبيه عن ابن عمر أنه قام إلى الحجاج وهو يخطب فقال : يا عدو الله استُحلّ حرم الله ، وخرب بيت الله . فقال : يا شيخا قد خرّف ، فلما صدر الناس أمر الحجاج بعض مسوّدته فأخذ حربة مسمومة وضرب بها رجل ابن عمر ، فمرض ومات منها ، ودخل عليه الحجاج عائداً ، فسلم فلم يرد عليه ، وكلّمه ، فلم يُجبه. وروى ابن سيرين أن الحجاج خطب فقال : إن ابن الزبير بدّل كلام الله ، فعلم ابن عمر فقال : كذب ! لم يكن ابن الزبير يستطيع أن يبدل كلام الله ولا أنت . قال الحجاج : إنك شيخ قد خرّفت الغد ! قال ابن عمر : أما إنك لو عدتَ عدتُ.
وفاته رضي الله عنهتوفي رضي الله عنه سنة ثلاث وسبعين من الهجرة.وهو ابن خمس وثمانين سنة. فرضي الله عنه وأرضاه.
المراجع
|
.