أطوار خلق الإنسان في القرآن


أطوار خلق الإنسان أمر كل مكلف أن ينظر فيه، والأمر المطلق، يقتضي الوجوب إلا لدليل صادق عنه، وذلك في قوله تعالى: فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ . خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ [الطارق:5-6].

 

المحتويات

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

أطوار خلق الإنسان

ما قاله الإمام ابن كثير في (تفسيره لآية الخلق في سورة الحج)؛ وما ذكره من أطوار خلق الإنسان أمر كل مكلف أن ينظر فيه، والأمر المطلق، يقتضي الوجوب إلا لدليل صادق عنه، كما أوضحناه مِراراً وذلك في قوله تعالى:فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ . خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ[الطارق:5-6]
 
يُعَدُ خلق الإنسان من آيات الله العظيمة، خاصةً إذا علِمنا أن كل طور من هذه الأطوار يُعَدُ آية في ذاته، كما أن إخبار الله سبحانه عن هذه الأطوار والمراحل في القرآن الكريم يُعتَبر من الإعجاز العلمي، لا سيما وأن العلم الحديث لم يتوصل إلى هذه الأطوار إلا منذ سنوات قليله: فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ[الحشر من الآية:2].
 
ومن الواضح أنه قبل عمليه خلق الإنسان، قد أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن فيه الإنسان مذكوراً كما في قوله تعالىهَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورً[الإنسان:1].

 

أولاً عناصر خلق الإنسان الأول

الماء:

يعبر الماء هو العنصر الأول الذي خلق الله منه كل شيء حي سوى الملائكة والجن مما هو حي لأن الملائكة خُلِقوا من النور، والجان خُلِقَ من النار، قال تعالى: أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ[الأنبياء:30]
 
ويدخل في قوله تعالى: كُلَّ شَيْءٍجسم الإنسان، بل يمكن لنا أن نقول: إن قمة هذه المخلوقات جميعها هو الإنسان، وقد خلقه الله تعالى من الماء.
 
يقول الله تبارك وتعالى: وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرًا[الفرقان:54](الموسوعة القرآنية المتخصصة؛ ص: [780]، أ. د. عبد الحي الفرماوي).

 

التراب:

التراب هو العنصر الثاني من عناصر خلق أبو البشر آدم عليه السلام قال تعالى: {إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آَدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ[آلِ عمران:59].
 
والتراب: عنصراً أساسياً من عناصر تكوين كل إنسان بعد آدم عليه السلام إذ من التراب النبات، ومن النبات الغذاء، ومن الغذاء الدم، ومن الدم النطفة، ومن النطفة الجنين، قال تعالى: وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْوَاجًا وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَى وَلَا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ وَمَا يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلَا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ[فاطر:11]
 
قال تعالى: هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ يُخْرِجُ ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخًا وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى مِنْ قَبْلُ وَلِتَبْلُغُوا أَجَلًا مُسَمًّى وَلَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ[غافر:67]
 
قال تعالى: وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ إِذَا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ[الروم:20].
 
قال تعالى: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلَا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ[الحج:5].

 

ثانياً: مراحل خلق الإنسان الأول

الطين:

وهذا الطين ناتج من امتزاج عنصري الماء والتراب كما وضحنا آنفاً ولذلك فالطين هو المركب الذي يتكون منه خلق جسد الإنسان.
 
قال تعالى: ذَلِكَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ . الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسَانِ مِنْ طِينٍ. ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ . ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ[السجده:6-9].
 
ويصف الله سبحانه وتعالى هذا الطين بأنه كان طيناً لازباً أي: لزج لاصقاً متماسكاً يشد بعضه ببعض، قال تعالى: فَاسْتَفْتِهِمْ أَهُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمْ مَنْ خَلَقْنَا إِنَّا خَلَقْنَاهُمْ مِنْ طِينٍ لَازِبٍ[الصافات:11]
 
ومما هو جديرٌ بالذكر أن سبب اختلاف البشر في صفاتهم وأشكالهم وأخلاقهم يرجع إلى المادة التي خلق الله منها آدم حيث جمعها من جميع الأرض، إن اللهَ خلَقَ آدمَ مِن قبضةٍ قَبَضَها مِن جميعِ الأرضِ ، فجاءَ بنو آدمَ على قَدْرِ الأرضِ : جاء منهم الأحمرُ ، والأبيضُ ، والأسودُ ، وبينَ ذلك ، والسَّهْلُ ، والحَزْنُ ، والخبيثُ ، والطيِّبُ – زاد في حديث يحيى – وبين ذلك والإخبارُ في حديثِ يزيدَ.

الراوي: أبو موسى الأشعري عبدالله بن قيس المحدث: الألباني - المصدر: صحيح أبي داود - الصفحة أو الرقم: 4693
خلاصة حكم المحدث: صحيح

 

الحمأ المسنون:

 ترك الله تعالى هذا الطين بعد أن مزج عنصريه حتى صار حمأ مسنوناً قال تعالى: وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ[الحجر:26]،والحمأ هو الطين الأسود المتغيِّر، كما عليه أقوال المفسرين أما المسنون ففيه خلاف بين المفسرين قيل المصور من سنة الوجه وهي صورته، ومنه قول ذي الرمة:

وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ[الحجر:26] 
أي بعد أن مزج الخالق تبارك وتعالى عنصري التراب والماء صار المزيج طيناً لازباً لاصقاً، ثم بعد ذلك صار خذا الطين حمأ أسوداً مسنوناً مصوراً

 

مرحله كونه صلصالاً:

بعد أن صار الطين حمأ مسنوناً في صورة آدم حتى صار صلصالاً كالفخار قال تعالى: خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ . وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ[الرحمن:14-15]، والصلصال هو: "الطين اليابس الذي يصل أي يصوت من يبسه إذا ضربه شيء ما دام لم تمسّه النار فإذا مسّته النار فهو حينئذ فخار"، وهذا قول أكثر المفسرين.
 
وهذا الصلصال يشبه الفخار إلا أنه ليس بالفخار، لأن الله لم يدل آدم النار، حتى يكون فخاراً، قال تعالى: خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ[الرحمن:14]
 
والحاصل أن الله سبحانه وتعالى لما مزج عنصري التراب والماء صار طيناً فلما أنتن الطين صار حمأ مسنوناً مصوراً على هيئته، فلما يبس صار صلصالاً، وإلى هذه المرحلة لم يبدأ آدم في الحياة، أما بخصوص المدة الزمنية التي بين مرحلة الطين والحمأ المسنون والصلصال، لم يحددها الله سبحانه في القرآن الكريم وكذلك لم يرد بشأنها حديثاً نبوياً صحيحاً يستدل به.

 

نفخ الروح:

بعد أن سوَّى الله تعالى الإنسان الأول وصوَّره، ثم صار صلصالاً -أي يبس الطين بعد تصويره-، دبَّت الروح في جسد آدم عليه السلام، قال تعالى: إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ طِينٍ. فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ[ص:71-72]
 
وقد أمر الله سبحانه وتعالى ملائكته قبل خلق آدم أنه بأن عليهم أن يسجدوا لهذا المخلوق بعد أن تدب الروح في جسده، قال تعالى: إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ طِينٍ فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ[ص:71-72]، هذه الآية تدل على أنه تعالى لمَّا نفخ في آدم الروح وجب على الملائكة أن يسجدوا له؛ لأن الفاء تفيد التعقيب وتمنع التراخي.

 

المراجع

http://ar.islamway.net/article/20245

www.dorar.net/hadith?skeys

 

731 مشاهدات
أصلحنا أو أصلح نفسك
.
تعليقات
الصفحة أعلى