الإيمان بالكتب حين أهبط الله آدم إلى الأرض وانتشرت ذريته لم يتركهم هملاً بل أوجد لهم الرزق وأنزل عليه وعلى أبنائه الوحي فمنهم من آمن ومنهم من كفر : ( ولقد بعثنا في كل أمة رسولاً أن اعبدوا اللّه واجتنبوا الطاغوت فمنهم من هدى اللّه ومنهم من حقت عليه الضلالة ) النحل/36. الكتب السماوية الكتب السماوية التي أنزلها اللّه أربعة وهي التوراة والإنجيل والزبور والقرآن : ( نزل عليك الكتاب بالحق مصدقاً لما بين يديه وأنزل التوراة والإنجيل ) آل عمران/3.وقال تعالى : ( وآتينا داود زبوراً ) الإسراء/55. يجب الإيمان بجميع الكتب التي أنزلها اللّه وجميع الأنبياء والرسل الذين أرسلهم اللّه كما قال سبحانه : ( يا أيها الذين آمَنوا آمِنوا باللّه ورسوله والكتاب الذي نزل على رسوله والكتاب الذي أنزل من قبل ومن يكفر باللّه وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر فقد ضل ضلالاً بعيداً ) النساء/136 . لا يكون العبد مؤمنا حتى يؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله ؛ قال الله عز وجل : ( آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ) البقرة / 285. عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : " كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَارِزًا يَوْمًا لِلنَّاسِ ، فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ فَقَالَ : مَا الإِيمَانُ؟ قَالَ : ( الإِيمَانُ أَنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ وَمَلاَئِكَتِهِ ، وَكُتُبِهِ ، وَبِلِقَائِهِ ، وَرُسُلِهِ ، وَتُؤْمِنَ بِالْبَعْثِ ).(البخاري: 50، مسلم: 9) والقرآن والتوراة والإنجيل والزبور كلها من كتب الله المنزلة على رسله صلوات الله وسلامه عليهم ، يجب الإيمان بها ، ومن كفر بشيء منها فهو كافر بالله . الإيمان بالكتب يتضمن أربعة أمور الأول: التصديق الجازم بأن جميعها منزَّل من عند الله ، وأن الله تكلم بها حقيقة فمنها المسموع منه تعالى من وراء حجاب بدون واسطة الرسول الملكي ، ومنها ما بلغه الرسول الملكي إلى الرسول البشري ، ومنها ما كتبه الله تعالى بيده كما قال تعالى : ( وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلا وَحْياً أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ) الشورى/51 وقال تعالى : ( وكلم الله موسى تكليما ) النساء/164 وقال تعالى في شأن التوراة : ( وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الأَلْوَاحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلاً لِكُلِّ شَيْءٍ) الأعراف/145. الثاني: ما ذكره الله من هذه الكتب تفصيلا وجب الإيمان به تفصيلا وهي الكتب التي سماها الله في القرآن وهي ( القرآن والتوراة والإنجيل والزبور وصحف إبراهيم وموسى ). وما ذكر منها إجمالا وجب علينا الإيمان به إجمالا فنقول فيه ما أمر الله به رسوله : ( وقل آمنت بما أنزل الله من كتاب ) الشورى/15. الثالث: تصديق ما صح من أخبارها ، كأخبار القرآن ، وأخبار ما لم يُبَدل أو يُحَرف من الكتب السابقة. الرابع: الإيمان بأن الله أنزل القرآن حاكما على هذه الكتب ومصدقا لها كما قال تعالى : ( وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ ) المائدة/48 ، قال أهل التفسير : مهيمنا : مؤتمنا وشاهدا على ما قبله من الكتب ، ومصدقا لها يعني : يصدق ما فيها من الصحيح ، وينفي ما وقع فيها من تحريف وتبديل وتغيير ، ويحكم عليها بنسخ ـ أي رفع وإزالة ـ أحكام سابقة ، أو تقرير وتشريع أحكام جديدة ؛ ولهذا يخضع له كل متمسك بالكتب المتقدمة ممن لم ينقلب على عقبيه كما قال تبارك وتعالى : ( الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُون . وَإِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ قَالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ ) القصص/52 :53. وأن الواجب على جميع الأمة اتباع القرآن ظاهراً وباطناً والتمسك به ، والقيام بحقه كما قال تعالى : ( وهذا كتاب أنزلناه مبارك فاتبعوه واتقوا ) الأنعام/155 ومعنى التمسك بالكتاب والقيام بحقه : إحلال حلاله ، وتحريم حرامه ، والانقياد لأوامره والانزجار بزوا جره والاعتبار بأمثاله ، والاتعاظ بقصصه ، والعلم بمحكمه ، والتسليم بمتشابهه والوقوف عند حدوده والذب عنه مع حفظه وتلاوته وتدبر آياته والقيام به آناء الليل والنهار ، والنصيحة له بكل معانيها ، والدعوة إلى ذلك على بصيرة. ثمرات الايمان بالكتب وهذا الإيمان يثمر للعبد ثمرات جليلة أهمها: - العلم بعناية الله بعباده حيث أنزل لكل قوم كتابا يهديهم به.
- العلم بحكمة الله تعالى في شرعه حيث شرع لكل قوم ما يناسب أحوالهم كما قال الله تعالى : ( لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا )
- القيام بواجب شكر الله على هذه النعمة العظيمة.
- أهمية العناية بالقرآن العظيم ، بقراءته وتدبره وتفهم معانيه والعمل به .
انظر أركان الاسلام، أركان الايمان، التوحيد، الشرك وغيرها المراجع أعلام السنة المنشورة: 90 – 93 ، شرح الأصول الثلاثة للشيخ ابن عثيمين: 91 ، 92 ، كتاب أصول الدين الإسلامي للشيخ محمد بن ابراهيم التويجري. |