الإيمان بالملائكة


والإيمان بالملائكة ركن من أركان الإيمان ومن جحدهم فقد كفر : ( ومن يكفر بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر فقد ضل ضلالاً بعيداً ) (النساء/136). الملائكة عالم غيبي خلقهم الله عز وجل من نور ، يقومون بأمر الله ( لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ) (التحريم/6)

 

المحتويات

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

من هم الملائكة

خلق الله الملائكة من نور قال عليه الصلاة والسلام : ( خُلقت الملائكة من نور , وخلق الجان من مارج من نار , وخُلق آدم مما وصف لكم ) رواه مسلم/2996.

 

متى خلقوا؟

ليس لنا علم على وجه التحديد بوقت خلقهم لعدم ورود النص في ذلك لكنهم سابقون لخلق الإنس يقينا لنص القرآن: { وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة } سورة البقرة : 30 . فأخبرهم بإرادته خلق الإنسان فدلّ على أنهم موجودون قبله.

 

عظم خلقهم

يقول تعالى في ملائكة النار: { يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون } سورة التحريم : 6.

 

وأعظمه على الإطلاق جبريل عليه السلام ومما جاء في وصفه:

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود قَالَ رَأَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جِبْرِيلَ فِي صُورَتِهِ وَلَهُ سِتُّ مِائَةِ جَنَاحٍ كُلُّ جَنَاحٍ مِنْهَا قَدْ سَدَّ الأُفُقَ يَسْقُطُ مِنْ جَنَاحِهِ مِنَ التَّهَاوِيلِ وَالدُّرِّ وَالْيَاقُوتِ مَا اللَّهُ بِهِ عَلِيمٌ . ( أحمد في المسند قال ابن كثير في البد: 1/47 إسناده جيد).

 

وقال رسول الله واصفا جبريل : " رَأَيْتُهُ مُنْهَبِطًا مِنَ السَّمَاءِ سَادًّا عِظَمُ خَلْقِهِ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ " رواه مسلم رقم 177

 

ومن الملائكة العظام أيضا حَمَلة العرش ومما جاء في وصفهم : عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : أُذِنَ لِي أَنْ أُحَدِّثَ عَنْ مَلَكٍ مِنْ مَلائِكَةِ اللَّهِ مِنْ حَمَلَةِ الْعَرْشِ إِنَّ مَا بَيْنَ شَحْمَةِ أُذُنِهِ إِلَى عَاتِقِهِ مَسِيرَةُ سَبْعِ مِائَةِ عَامٍ " . سنن أبي داود : كتاب السنة : باب في الجهمية.

 

لهم أجنحة

يقول الله تعالى: { الحمد لله فاطر السماوات والأرض جاعل الملائكة رسلا أولي أجنحة مثنى وثلاث ورباع يزيد في الخلق ما يشاء إن الله على كل شئ قدير } . سورة فاطر : 1

 

جمالهم

قال تعالى واصفا جبريل عليه السلام: { علمه شديد القوى . ذو مرة فاستوى } سورة النجم : 5-6 قال ابن عباس: {ذو مرة} ذو منظر حسن ، وقال قتادة : ذو خَلْق طويل حسن.

 

وقد تقرر عند الناس جميعا وصف الملائكة بالجمال ولذا فهم يشبّهون الجميل من البشر بالملائكة كما قالت النسوة في حق يوسف الصديق: { فلما رأينه أكبرنه وقطّعن أيديهن وقلن حاش لله ما هذا بشرا إن هذا إلا ملك كريم } . سورة يوسف : 31

 

تفاوتهم في الخلق والمقدار

الملائكة ليسوا على درجة واحدة في الخلق والمقدار بل يتفاوتون كما يتفاوتون في الفضل كذلك فأفضلهم من شهد بدرا كما جاء في حديث مُعَاذِ بْنِ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ الزُّرَقِيِّ عَنْ أَبِيهِ وَكَانَ أَبُوهُ مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ قَالَ جَاءَ جِبْرِيلُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : مَا تَعُدُّونَ أَهْلَ بَدْرٍ فِيكُمْ قَالَ : مِنْ أَفْضَلِ الْمُسْلِمِينَ أَوْ كَلِمَةً نَحْوَهَا قَالَ وَكَذَلِكَ مَنْ شَهِدَ بَدْرًا مِنَ الْمَلائِكَةِ .( البخاري : 3992)

 

لا يأكلون ولا يشربون:ويدل على هذا ما جرى بين خليل الرحمن إبراهيم وأضيافه من الملائكة لما زاروه ، قال تعالى : { فراغ إلى أهله فجاء بعجل سمين فقربه إليهم قال ألا تأكلون فأوجس منهم خيفة قالوا لا تخف وبشروه بغلام عليم } .سورة الذاريات : 28 ، وفي : أخرى : { فلما رأى أيديهم لا تصل إليه نكرهم وأوجس منهم خيفة قالوا لا تخف إنا أرسلنا إلى قوم لوط } .سورة هود : 70

 

لا يملون ولا يتعبون من ذكر الله وعبادته:

قال تعالى :{ يسبحون الليل والنهار لا يَفْتُرون } سورة الأنبياء : 20، وقال سبحانه : { فالذين عند ربك يسبحون له بالليل والنهار وهم لا يسأمون } سورة فصلت : 38.

 

عددهم

الملائكة خلق كثير لا يعلم عددهم إلا الله  يقول النبي صلى الله عليه وسلم واصفا البيت المعمور في السماء السابعة : " فرفع لي البيت المعمور فسألت جبريل فقال هذا البيت المعمور يصلي فيه كل يوم سبعون ألف ملك إذا خرجوا لم يعودوا إليه آخر ما عليهم " ( البخاري . : 3207)

 

وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " يُؤْتَى بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لَهَا سَبْعُونَ أَلْفَ زِمَامٍ مَعَ كُلِّ زِمَامٍ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ يَجُرُّونَهَا " .( مسلم : 2842)

 

أسماؤهم

للملائكة أسماء لكننا لا نعلم  من أسمائهم إلا القليل فمن نُصّ على اسمه وجب الإيمان به تفصيلا وإلا كان الإيمان به مجملا داخلا في عموم إيمان العبد بالملائكة ، ومن أسماء الملائكة:

1 - 2. جبريل وميكائيل:

{ قل من كان عدوا لجبريل فإنه نزله على قلبك بإذن الله مصدقا لما بين يديه وهدى وبشرى للمؤمنين ، من كان عدوا لله وملائكته ورسله وجبريل وميكال فإن الله عدو للكافرين } سورة البقرة : 98.

 

3. إسرافيل:

عن أَبُي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ قَالَ : سَأَلْتُ عَائِشَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ بِأَيِّ شَيْءٍ كَانَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَفْتَتِحُ صَلاتَهُ إِذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ قَالَتْ : كَانَ إِذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ افْتَتَحَ صَلاتَهُ اللَّهُمَّ رَبَّ جَبْرَائِيلَ وَمِيكَائِيلَ وَإِسْرَافِيلَ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ اهْدِنِي لِمَا اخْتُلِفَ فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِكَ إِنَّكَ تَهْدِي مَنْ تَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ " . رواه مسلم رقم 270.

 

4. مالك:

وهو خازن النار قال تعالى: { ونادوا يا مالك ليقض علينا ربك .. } سورة الزخرف : 77.

 

5 - 6. منكر ونكير:

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قُبِرَ الْمَيِّتُ أَوْ قَالَ أَحَدُكُمْ أَتَاهُ مَلَكَانِ أَسْوَدَانِ أَزْرَقَانِ يُقَالُ لأَحَدِهِمَا الْمُنْكَرُ وَالآخَرُ النَّكِيرُ فَيَقُولانِ مَا كُنْتَ تَقُولُ فِي هَذَا الرَّجُلِ فَيَقُولُ مَا كَانَ يَقُولُ هُوَ عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ فَيَقُولانِ قَدْ كُنَّا نَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُولُ هَذَا ثُمَّ يُفْسَحُ لَهُ فِي قَبْرِهِ سَبْعُونَ ذِرَاعًا فِي سَبْعِينَ ثُمَّ يُنَوَّرُ لَهُ فِيهِ ثُمَّ يُقَالُ لَهُ نَمْ فَيَقُولُ أَرْجِعُ إِلَى أَهْلِي فَأُخْبِرُهُمْ فَيَقُولانِ نَمْ كَنَوْمَةِ الْعَرُوسِ الَّذِي لا يُوقِظُهُ إِلا أَحَبُّ أَهْلِهِ إِلَيْهِ حَتَّى يَبْعَثَهُ اللَّهُ مِنْ مَضْجَعِهِ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ مُنَافِقًا قَالَ سَمِعْتُ النَّاسَ يَقُولُونَ فَقُلْتُ مِثْلَهُ لا أَدْرِي فَيَقُولانِ قَدْ كُنَّا نَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُولُ ذَلِكَ فَيُقَالُ لِلأَرْضِ الْتَئِمِي عَلَيْهِ فَتَلْتَئِمُ عَلَيْهِ فَتَخْتَلِفُ فِيهَا أَضْاعُهُ فلا يَزَالُ فِيهَا مُعَذَّبًا حَتَّى يَبْعَثَهُ اللَّهُ مِنْ مَضْجَعِهِ ". (الترمذي : 1071 ، صحيح الجامع رقم 724).

 

7 - 8. هاروت وماروت:

يقول تعالى: { وما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت } سورة البقرة : 102 ومنهم غير ذلك {وما يعلم جنود ربك إلا هو وما هي إلا ذكرى للبشر} سورة المدثر :31 ومنهم غير ذلك

 

قدراتهم

للملائكة قدرات عظيمة وهبهم الله إياها ومنها:

قدرتهم على التشكل:  أعطى الله الملائكة القدرة على التشكل بغير أشكالهم فقد أرسل الله إلى مريم جبريل في صورة بشر يقول تعالى: { فأرسلنا إليها روحنا فتمثل لها بشر سويا } سورة مريم : 17.

 

وإبراهيم جاءته الملائكة في صورة بشر ولم يعرف أنهم ملائكة حتى أعلموه بذلك ، وكذا لوط أتوه في صورة شباب حسان الوجوه ، وقد كان جبريل يأتي النبي في صور متعددة فتارة يأتي في صورة دحية الكلبي وكان صحابيا جميل الصورة ، وتارة في صورة أعرابي ورآه الصحابة على صورته البشرية كما في الصحيحين من حديث عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ قَالَ بَيْنَمَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ إِذْ طَلَعَ عَلَيْنَا رَجُلٌ شَدِيدُ بَيَاضِ الثِّيَابِ شَدِيدُ سَوَادِ الشَّعَرِ لا يُرَى عَلَيْهِ أَثَرُ السَّفَرِ وَلا يَعْرِفُهُ مِنَّا أَحَدٌ حَتَّى جَلَسَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَسْنَدَ رُكْبَتَيْهِ إِلَى رُكْبَتَيْهِ وَوَضَعَ كَفَّيْهِ عَلَى فَخِذَيْهِ وَقَالَ يَا مُحَمَّدُ أَخْبِرْنِي عَنِ الإِسْلامِ …. الحديث . صحيح (مسلم : 8)

 

وغير ذلك من الأحاديث الكثيرة الدالة على تصورهم بالصور الآدمية كحديث قاتل المائة وفيه " فجاءهم ملك في صورة آدمي " وحديث الأبرص والأقرع والأعمى.

 

سرعتهم:أعظم سرعة يعرفها البشر اليوم سرعة الضوء وسرعة الملائكة فوق هذه السرعة بكثير إذ أن السائل ما كاد يفرغ من سؤال النبي إلا وقد جاء جبريل بالجواب من رب العزة.

 

وظائفهم

منهم الموكل بالوحي من الله على رسله وهو الروح الأمين جبريل عليه السلام قال الله تعالى: { من كان عدوا لجبريل فإنه نزله على قلبك بإذن الله }  سورة البقرة : 97 وقال: { نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ(193) عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنْ الْمُنذِرِينَ(194) } سورة الشعراء.

 

ومنهم الموكل بالمطر وتصريفه إلى حيث يشاء الله وهو ميكائيل عليه السلام ، وله أعوان  يفعلون ما يأمرهم به بأمر ربه ويصرفون الرياح والسحاب كما يشاء الله عز وجل.

 

ومنهم الموكل بالصور وهو إسرافيل ( والصور هو عنق كالبوق ينفخ فيه إسرافيل عند قيام الساعة ).

 

ومنهم المُوكّل بقبض الأرواح وهو ملك الموت وأعوانه قال تعالى: { قل يتوفاكم ملك الموت الذي وكل بكم ثم إلى ربكم ترجعون } سورة السجدة : 11 . ولم يثبت في حديث صحيح تسميته بعزرائيل.

 

ومنهم المُوكّل بحفظ العبد في حله وترحاله ، في يقظته ونومه وفي كل حالاته وهم المعقبات الذين قال الله في شأنهم : { سَوَاءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ (10) لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلا مَرَدَّ لهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ (11) } سورة الرعد.

 

ومنهم المُوكّل بحفظ عمل العبد من خير أو شر وهم الكرام الكاتبون وهؤلاء يشملهم قوله تعالى: { ويرسل عليكم حفظة } سورة الأنعام : 61 ، وقال تعالى : { أم يحسبون أنا لا نسمع سرهم ونجواهم بلى ورسلنا لديهم يكتبون } سورة الزخرف : 80 ، وقال عزّ وجلّ : { إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنْ الْيَمِينِ وَعَنْ الشِّمَالِ قَعِيدٌ (17) مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيد ٌ(18) } سورة ق ، وقال : { وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ (10) كِرَامًا كَاتِبِين َ(11) } سورة الإنفطار

 

ومنهم الموكل بفتنة القبر وهم منكر ونكيرِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قُبِرَ الْمَيِّتُ أَوْ قَالَ أَحَدُكُمْ أَتَاهُ مَلَكَانِ أَسْوَدَانِ أَزْرَقَانِ يُقَالُ لأَحَدِهِمَا الْمُنْكَرُ وَالآخَرُ النَّكِيرُ فَيَقُولانِ مَا كُنْتَ تَقُولُ فِي هَذَا الرَّجُلِ… الحديث.

 

ومنهم خزنة الجنة قال تعالى : { وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ(73) } سورة الزمر.

 

ومنهم خزنة جهنم وهم الزبانية ورؤساؤهم تسعة عشر ومُقدَّمهم مالك عليه السلام ، قال تعالى : { وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا بَلَى وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ(71) } سورة الزمر ، وقال سبحانه: { فليدع ناديه (17)سندع الزبانية(18) } سورة العلق ، وقال تعالى :{ وَمَا أَدْرَاكَ مَا سَقَرُ(27) لا تُبْقِي وَلا تَذَرُ(28) لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ(29)عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ(30) وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إِلا مَلائِكَةً وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إِلا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا .. } سورة المدثر ، وقال تعالى: {ونادوا يا مالك ليقض علينا ربك قال إنكم ماكثون} سورة الزخرف : 77.

 

ومنهم الموكل بالنطفة في الرَّحِم كما في حديث ابن مسعود رضي الله عنه قال: حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ الصَّادِقُ الْمَصْدُوقُ إِنَّ أَحَدَكُمْ يُجْمَعُ خَلْقُهُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا ثُمَّ يَكُونُ فِي ذَلِكَ عَلَقَةً مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ يَكُونُ فِي ذَلِكَ مُضْغَةً مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ يُرْسَلُ الْمَلَكُ فَيَنْفُخُ فِيهِ الرُّوحَ وَيُؤْمَرُ بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ بِكَتْبِ رِزْقِهِ وَأَجَلِهِ وَعَمَلِهِ وَشَقِيٌّ أَوْ سَعِيدٌ فَوَالَّذِي لا إِلَهَ غَيْرُهُ إِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إِلا ذِرَاعٌ فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ فَيَدْخُلُهَا وَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إِلا ذِرَاعٌ فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَيَدْخُلُهَا.( البخاري : 3208 ، مسلم: 2643).

 

ومنهم حملة العرش قال تعالى في شأنهم : { الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم ويؤمنون به ويستغفرون للذين آمنوا ربنا وسعت كل شئ رحمة وعلما فاغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك وقهم عذاب الجحيم } (سورة غافر : 7).

 

ومنهم ملائكة سياحون في الأرض يتبعون مجالس الذكر، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ لِلَّهِ مَلائِكَةً يَطُوفُونَ فِي الطُّرُقِ يَلْتَمِسُونَ أَهْلَ الذِّكْرِ فَإِذَا وَجَدُوا قَوْمًا يَذْكُرُونَ اللَّهَ تَنَادَوْا هَلُمُّوا إِلَى حَاجَتِكُمْ قَالَ فَيَحُفُّونَهُمْ بِأَجْنِحَتِهِمْ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا قَالَ فَيَسْأَلُهُمْ رَبُّهُمْ وَهُوَ أَعْلَمُ مِنْهُمْ مَا يَقُولُ عِبَادِي قَالُوا يَقُولُونَ يُسَبِّحُونَكَ وَيُكَبِّرُونَكَ وَيَحْمَدُونَكَ وَيُمَجِّدُونَكَ قَالَ فَيَقُولُ هَلْ رَأَوْنِي قَالَ فَيَقُولُونَ لا وَاللَّهِ مَا رَأَوْكَ قَالَ فَيَقُولُ وَكَيْفَ لَوْ رَأَوْنِي قَالَ يَقُولُونَ لَوْ رَأَوْكَ كَانُوا أَشَدَّ لَكَ عِبَادَةً وَأَشَدَّ لَكَ تَمْجِيدًا وَتَحْمِيدًا وَأَكْثَرَ لَكَ تَسْبِيحًا قَالَ يَقُولُ فَمَا يَسْأَلُونِي قَالَ يَسْأَلُونَكَ الْجَنَّةَ قَالَ يَقُولُ وَهَلْ رَأَوْهَا قَالَ يَقُولُونَ لا وَاللَّهِ يَا رَبِّ مَا رَأَوْهَا قَالَ يَقُولُ فَكَيْفَ لَوْ أَنَّهُمْ رَأَوْهَا قَالَ يَقُولُونَ لَوْ أَنَّهُمْ رَأَوْهَا كَانُوا أَشَدَّ عَلَيْهَا حِرْصًا وَأَشَدَّ لَهَا طَلَبًا وَأَعْظَمَ فِيهَا رَغْبَةً قَالَ فَمِمَّ يَتَعَوَّذُونَ قَالَ يَقُولُونَ مِنْ النَّارِ قَالَ يَقُولُ وَهَلْ رَأَوْهَا قَالَ يَقُولُونَ لا وَاللَّهِ يَا رَبِّ مَا رَأَوْهَا قَالَ يَقُولُ فَكَيْفَ لَوْ رَأَوْهَا قَالَ يَقُولُونَ لَوْ رَأَوْهَا كَانُوا أَشَدَّ مِنْهَا فِرَارًا وَأَشَدَّ لَهَا مَخَافَةً قَالَ فَيَقُولُ فَأُشْهِدُكُمْ أَنِّي قَدْ غَفَرْتُ لَهُمْ قَالَ يَقُولُ مَلَكٌ مِنْ الْمَلائِكَةِ فِيهِمْ فُلانٌ لَيْسَ مِنْهُمْ إِنَّمَا جَاءَ لِحَاجَةٍ قَالَ هُمْ الْجُلَسَاءُ لا يَشْقَى بِهِمْ جَلِيسُهُمْ .( البخاري : 6408)

 

  ومنهم الموكل بالجبال عن عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَلْ أَتَى عَلَيْكَ يَوْمٌ كَانَ أَشَدَّ مِنْ يَوْمِ أُحُدٍ قَالَ لَقَدْ لَقِيتُ مِنْ قَوْمِكِ مَا لَقِيتُ وَكَانَ أَشَدَّ مَا لَقِيتُ مِنْهُمْ يَوْمَ الْعَقَبَةِ إِذْ عَرَضْتُ نَفْسِي عَلَى ابْنِ عَبْدِ يَالِيلَ بْنِ عَبْدِ كُلالٍ فَلَمْ يُجِبْنِي إِلَى مَا أَرَدْتُ فَانْطَلَقْتُ وَأَنَا مَهْمُومٌ عَلَى وَجْهِي فَلَمْ أَسْتَفِقْ إِلا وَأَنَا بِقَرْنِ الثَّعَالِبِ فَرَفَعْتُ رَأْسِي فَإِذَا أَنَا بِسَحَابَةٍ قَدْ أَظَلَّتْنِي فَنَظَرْتُ فَإِذَا فِيهَا جِبْرِيلُ فَنَادَانِي فَقَالَ إِنَّ اللَّهَ قَدْ سَمِعَ قَوْلَ قَوْمِكَ لَكَ وَمَا رَدُّوا عَلَيْكَ وَقَدْ بَعَثَ إِلَيْكَ مَلَكَ الْجِبَالِ لِتَأْمُرَهُ بِمَا شِئْتَ فِيهِمْ فَنَادَانِي مَلَكُ الْجِبَالِ فَسَلَّمَ عَلَيَّ ثُمَّ قَالَ يَا مُحَمَّدُ فَقَالَ ذَلِكَ فِيمَا شِئْتَ إِنْ شِئْتَ أَنْ أُطْبِقَ عَلَيْهِمْ الأَخْشَبَيْنِ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَلْ أَرْجُو أَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ مِنْ أَصْلابِهِمْ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ وَحْدَهُ لا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا . (البخاري : 3231)

 

ومنهم زُوّار البيت المعمور قال النبي صلى الله عليه وسلم كما في حديث الإسراء والمعراج الطويل : فَرُفِعَ لِي الْبَيْتُ الْمَعْمُورُ فَسَأَلْتُ جِبْرِيلَ فَقَالَ هَذَا الْبَيْتُ الْمَعْمُورُ يُصَلِّي فِيهِ كُلَّ يَوْمٍ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ إِذَا خَرَجُوا لَمْ يَعُودُوا إِلَيْهِ آخِرَ مَا عَلَيْهِم ْ.

 

ومنهم ملائكة صفوف لا يفترون وقيام لا يجلسون ، وركع وسجود لا يرفعون كما جاء عَنْ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنِّي أَرَى مَا لا تَرَوْنَ وَأَسْمَعُ مَا لا تَسْمَعُونَ أَطَّتْ السَّمَاءُ ( صوّتت وضجّت ) وَحُقَّ لَهَا أَنْ تَئِطَّ مَا فِيهَا مَوْضِعُ أَرْبَعِ أَصَابِعَ إِلاّ وَمَلَكٌ وَاضِعٌ جَبْهَتَهُ سَاجِدًا لِلَّهِ وَاللَّهِ لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلا وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا وَمَا تَلَذَّذْتُمْ بِالنِّسَاءِ عَلَى الْفُرُشِ وَلَخَرَجْتُمْ إِلَى الصُّعُدَاتِ ( الطّرُق ) تَجْأَرُونَ ( تتضرّعون ) إِلَى اللَّهِ .( الترمذي: 2312)

 

والإيمان بالملائكة يتضمن أربعة أمور لا بد منها

  1. الإقرار الجازم بوجودهم وأنهم خلق من خلق الله ، مربوبون مسخرون و (عباد مكرمون .لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ) الأنبياء/26 :27 و ( لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ) التحريم/6 و( لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلا يَسْتَحْسِرُونَ . يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لا يَفْتُرُونَ) الأنبياء/19 :20.
     
  2. الإيمان بأسماء من علمنا اسمه منهم:
    كجبريل ، وميكائيل ، وإسرافيل ، ،ومالك ، ورضوان ، وغيرهم عليهم السلام.
     
  3. الإيمان بأوصاف من علمنا وصفه:
    كما علمنا من السنة وصف جبريل عليه السلام ، وأن له ستمائة جناح قد سد الأفق ( أي ملأ السماء ).
     
  4. الإيمان بأعمال من علمنا عمله منهم:
    فجبريل عليه السلام ، موكل بما فيه حياة القلوب وهو الوحي ، وإسرافيل موكل بالنفخ في الصور ، وميكائيل موكل بالمطر ، ومالك موكل بالنار ، وهكذا.

 

ومن أهم ما يجب أن نؤمن به أن كل شخص معه ملكان يكتبان عمله  كما قال الله تعالى : ( إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ) ق/17 :18  أي رقيب حاضر من هؤلاء الملائكة . فإياك أيها المسلم أن يكتب هذا ن الملكان عنك ما يسوؤك يوم القيامة ، فكل شيء تقوله أو تلفظ به فهو مكتوب عليك ، فإذا كان يوم القيامة يخرج للعبد كتابه : ( يلقاه منشورا . اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً ) الإسراء/13 :14 نسأل الله أن يسترنا ويتجاوزنا عنا إنه سميع مجيب .

 

أنظر

أركان السلام، اركان الايمان، التوحيد، الشرك وغيرها

 

المراجع

أعلام السنة المنشورة: 86، مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين:3/ 160،  كتاب أصول الدين الإسلامي للشيخ محمد بن ابراهيم التويجري

 

3597 مشاهدات
أصلحنا أو أصلح نفسك
.
تعليقات
الصفحة أعلى